عودة >

ماذا تريد أن تعرف؟

  • الحبّ أقوى من الموت
  • الحبّ أقوى من الموت
  • الحبّ أقوى من الموت
26 كانون ثاني 2018
الحبّ أقوى من الموت

"هل تحبّين الذهاب إلى الدويلعة هذه السنة؟ نعم، بالطبع !!!"... وهكذا، بحماسة كبيرة انطلقتُ من لبنان باتّجاه دمشق مع أخواتي جاندارك ومريم نور، وبفرح عدتُ إلى هذا الحيّ الذي عشتُ فيه منذ 7 سنوات، عندما كنتُ لا أزال في مرحلة الطَلَبَة، بفرح عدتُ إلى الرعيّة، وبفرح عدتُ لألتقي بجيرانِنا. وشيئًا فشيئًا بدأت أتأقلم من جديد لأنّ كثيرًا من الأشياء قد تغيّرت خلال هذه السنوات السبع.

كلّ شيء كان جيّدًا خلال الأيام الأولى، لكن بعد فترة قصيرة عاد صوت القذائف يُسمع بعد أن توقف منذ سنة تقريبًا. ومع مرور الوقت، بدأت أميّز بين صوت إطلاق القذائف وصوت نزولها في المنطقة، ودون أن أقصد كنت مرتاحة عند إطلاق القذائف، على الرغم من أنّني أعرف أنّ الكثيرين سوف يموتون في الجانب الآخر.

في يوم من الأيام سقطت قذائف بالقرب من الأُخوّة، كنت بمفردي في الأُخوّة... فسكنتني كلّ أنواع الخوف، خوف على ذاتي، خوف من أن يكون قد أصاب شيءٌ لواحدة من أخواتي أو من الجيران... وفكّرتُ: "ماذا أفعل هنا، هل أنا مجنونة؟ لا، أنا لست مستعدّة لكلّ شيء كما أصلّي كلّ ليلة في صلاة تسليم الذات، لست مستعدة بعد لأن أموت".  

 ومنذ ذلك اليوم، أصبحت صلاتي مكثّفة أكثر. منذ وقت طويل وأنا أبدأ نهاري بشكر الرّب على اليوم الجديد الذي أعطاني أن أعيشه، أمّا الآن فإنّ هذه الصلاة تأخذ كلّ معناها، بالإضافة إلى صلاة تقدمة الذات.

وقرّرت خلال خلوة الصلاة في الويك-إند أن أميّز إذا كان من الأفضل أن أطلب ترك سوريا أو إذا  كنت مستعدة ان أبقى على الرغم من الوضع ولماذا... تكبّرًا (خوفاً من أن يُقال بأنّي جبانة) أو ... أبقى عن رغبة. وهكذا جدّدت الـ"نعم"، نعم لديّ رغبة بأن أعيش هنا الحب مع هذا الشعب الشجاع الذي منذ سبع سنوات يكافح من أجل الحياة.

وهكذا قرّرتُبفرحأن أستمرّ مع أخواتي بالعيش هنا يومًا بعد يوم، عارفين بأنّ ما نخطّط له معرّض لأن يُلغى في آخر دقيقة، ومتعلّمين التسليم.

لكن في هذه الأيام الأخيرة، أصبح الوضع أكثر خطورة، فطلبت الأُخوّة منّي أن أبقى مؤقّتًا في لبنان إلى أن يتحسّن الوضع. كان هذا الخبر بالنسبة إليّ كالصاعقة، لكن هنا أيضًا تعلّمت ما هو التسليم الحقيقيّ والطاعة عن حبّ. إنّ الـ "نعم" بمرارة، والـ "نعم" التي لا نتبنّاها بالعمق تسمِّم الحياة، بينما الـ "نعم" التي تُقال بالإيمان تحرّر. في الطاعة، نحن دائمًا على يقين من أنّنا لننضلّ. وهكذا، وبالرّغم من الألم، تراني أستعدّ اليوم لأن أعيش بالملء اللحظة الحاضرة في أخوّتنا في بيروت وذلك لوقت غير محدّد، وفي داخلي القرار بأن أعيش اللحظة الحاضرة بملئِها، شاكرةً الربّ على كلّ المناسبات التي يُعطينا إيّاها كي نكبر معهُ.

الأخت الصغيرة نادين ماري يسوع