أين تجدوننا؟
تقع أُخوّتنا في بلدة الهرمل، في البقاع الشمالي. ومنذ تأسيسها سنة 1951 كان دورها ولا يزال السعي للعيش المشترك من خلال مشاركة الناس في حياتهم اليومية البسيطة والتضامن معهم بكل ما يعيشون والتقرب من الجميع دون استثناء.
تجاور هذه البلدة بعض من القرى المسيحية: القاع، راس بعلبك والمعلقة، وأخرى مختلطة سلامية/مسيحية الفاكهة وجديدة الفاكهة.
الأخوات المتواجدات حالياً في هذه الأخوّة هنّ: آن شنتال، سميرة ودعد. بسبب عدم توفر الأعمال في الهرمل، مما يدفع بالعديد من الشباب للبحث عن شغل في بيروت، وبسبب عمرنا المتقدم أيضاً، لم نتمكن من ايجاد شغل، لذلك نقوم بنوع من التطوع إما في مركز صحّي اجتماعي أو بزيارات في القرى القريبة منا بهدف تعميق العلاقة مع المسيحيين وايجاد نواة للمشاركات الإنجيلية والتعمق بالمواضيع الروحية, سميرة تزور القاع ودعد جديدة الفاكهة كل واحدة يومين في الأسبوع. وآن شنتال تساعد الأولاد في دروسهم في الأخوّة.
إننا الوجود المسيحي الوحيد في الهرمل والإفخارستيا لها معناها الكبير والمميز في هذا الوجود. بالإضافة الى ساعات السجود والصلاة الجماعية بما تتضمن من صلاة تشفع من أجل جميع الناس، نسعى بأن يكون عندنا قدّاس أقله مرة في الأسبوع مع كاهن من كهنة الرعايا المجاورة. وهم يأتون مع أصدقاء لهم فيكون مجال للقاء والمشاركة.
مرة في الشهر يكون القداس مع الصبايا الأثيوبيات اللواتي يعملن في الهرمل. والجدير ذكره، أنه خلال الأعياد في أثيوبية، تجتمع الصبايا في الأخوّة للمعايدة مع بعض (بين 25 و30 صبية). يجلبن كل ما يلزم من أغراض لتحضير طعام العيد كما في بلدهنّ، وكذلك الحلويات والشاي واللباس الخاص بالمناسبة. نشاركهن الفرح والطعام فتشعر كل واحدة وكأننا عائلتها.
الزيارات لا تقتصر فقط على أهل الهرمل، إنما هناك العديد من المسيحيين أيضاً الذين يأتون لزيارتنا من القرى المجاورة، بالاضافة الى الذين يشتغلون في الهرمل في السرايا الحكومية وفي المدارس...والجميل ذكره ما يحصل غالباً من حوار وانفتاح عندما يلتقي الأصدقاء في الأخوّة من الطرفين الاسلامي والمسيحي.
خلال فترة الصوم، بينما كنا نتناول طعام الغداء مع عائلة من أصدقاء القاع، جاء صديقنا حيدر مع سمكة من العاصي هدية لنا وهو يقول: جئت لآخذ البركة من صيامكم في هذا الشهر المبارك، وأنا بدوري اليوم صائم بما يُسمى "بالأيام البيض" قبل شهر رمضان. ودار الحديث حول أمور المدارس والتربية في هذه الظروف الراهنة، وعن معنى الصوم ومدى فعاليته في حياتنا ليقربنا من الله. وهكذا يمكننا القول بأنه مهما تعدّدت الأديان فالله هو أب للجميع ونحن كلنا أولاده.
تاريخ أخوّة الهرمل
لا يمكن أن نتكلم عن تاريخ أخوّة الهرمل دون ذكر أخوّة رأس بعلبك.
لقد شاءت الأخت مادلين مؤسسة رهبنيتنا، أن يكون تأسيس هاتين الأخوّتين: في الهرمل محيط اسلامي وفي راس بعلبك البلدة المسيحية، في نفس اليوم كرمزٍ للوحدة من خلال العلاقة بين الأخوات التي ستشجع بشكل تلقائي العلاقة بين البلدتين المتخاصمتين، إذ كان يوجد نزاعات وخلافات متعددة ومستمرة أدّت الى الموت من الطرفين. لقد تمّ هذا التأسيس في عيد السيدة العذراء 15 آب 1951 الذي يُحتفل به بشكل خاص في راس بعلبك. فعبّر المطران يوسف معلوف راعي أبرشية الروم الكاثوليكآنذاك عن سروره في ذلك: "قال لنا أنه متأكد من أن أخوّة الهرمل ستبقى على الدوام حتى وإن فشلت الأخوّات كافة". هذا صحيح، اذ منذ حوالي خمس سنوات وبسبب قلة عددنا اضطررنا لإقفال أخوّة راس بعلبك والاستمرار في الهرمل كوننا الوجود المسيحي الوحيد في هذه البلدة. الناس جميعهم من الطائفة الشيعيّة، عندهم أمانة على الصلاة وانفتاح للعلاقات مما أدى الى صداقات متينة مع الأخوات على مر الأجيال.
الأخوّة في الهرمل عبارة عن بيت صغير وبستان من حوله. لقد قامت الأخوات في البداية بزراعة الأشجار المثمرة والخضار الموسمية كما كان يفعل الجيران في ذلك الوقت إذ إنه المورد الوحيد للعيش في هذه المنطقة البعيدة. بدأنَ بالتأقلم على طريقة الشغل في البستان وعلى الترميم المستمر لكل من الحيطان والسقف إذ كانوا من الطين والتراب. بالاضافة الى ذلك كان هَمّ الأخوات تعلم اللغة العربية والليتورجية البيزنطية.
بعد الحرب، كم كانت التعزية كبيرة والفرحة أكبر بوجود أخوات من البلد عندهن الرغبة والشجاعة للعيش في هذه الأخوّة كرمز للوحدة والتعايش الاسلامي المسيحي.
هاتف 961/8/200318